عهدت الشيخ سليمان بن علي الحريقي رحمه الله رحمة واسعة متعلقاً قلبه بالمساجد وبالقرآن والمداومة على تلاوته وتدبره ، غالباً ما أراه آخر من يخرج من الجامع ، حريصاً على النوافل وقيام الليل وصيام التطوع، ملازماً للسنة وتطبيقها والحث عليها،آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر،حريصاً على حضور مجالس الذكر والعلم، قرأ على الوالد كثيراً في القرآن والعقيدة والفقه والتفسير والحديث والفرائض ، جاورنا رحمه الله طيلة ثلاثين عاماً بحسن الجوار، وكان نعم الجار المحب لجيرانه والوفي لخلاَّنه فلا يكاد يمضي أسبوع إلا ويتصل بي للاطمئنان على الوالد ومحادثته وسماع صوته وذلك بعد انتقال الوالد من عفيف ، وكلما جاء إلى الرياض لا بد أن تكون زيارة الوالد من أولى أولوياته فكان مضرباً المثل في الوفاء والإخلاص مع والدي، يجمعهما في ذلك الحب في الله لا لشيءٍ آخر من مصالح الدنيا،ولا أنسَ حُسن سمته وأدبه الجم عند جلوسه مع الوالد وعدم تردده في خدمته ولا أتذكر أنه تردد في تلبية أي طلبٍ له ويقول لي دائماً هذا والدي الذي له فضلٌ كبيرٌ عليَّ بعد الله ولن أنساه ما حييت فكان إذا اتصل بالوالد يبادره بهذه الكلمة التي يحبها يا والدي، وقد اختصه الوالد حفظه الله بالإمامة ليكون نائباً له فكان ملازماً للجامع وللإمامة والخطابة بالجامع وبمصلى العيد في حال سفر الوالد وعدم تواجده، رافق الوالد كثيراً في سفره وحلِّه وترحاله في العمرة والحج وفي بعض سفرات الوالد لمحافظة الخرمة سابقاً حيث كان للوالد بيت آخر تسكنه عمتي منيرة الحجي رحمها الله وأيضاً كان للوالد مزرعة(الصالحية)، وقد كنت مرافقاً لهما في معظم تلك الرحلات ،كان الشيخ سليمان رحمه الله ساعياً في الخير ومحباً للخير وأهله وأهل الصلاح، منفقاً ماله في وجوه الخير، كريماً معطاءً، تجد باب بيته مفتوحاً للضيف ولابن السبيل وتجده في غاية السرور عند مقدم ضيفه، إن واجهته تجده هاشَّاً باشَّا مبتسماً ممازحاً لك بما يدخل السرور عليك، بارَّاً بأمه براً عجيباً رحمها الله وقبل ذلك والده رحمه الله، واصلاً لرحمه حريصاً عليهم ويتفقدهم ويتفقد أحبته وجيرانه بالاتصال بهم والاطمئنان عليهم، كلما زرته رحمه الله في بيته في المدينة سُرَّ كثيراً وتهللت أساريره ويذكر لي إعجابه بصوتي في الأذان في جامع الوالد بعفيف وطلب مني في آخر زيارة تزويده بالتلاوات القديمة للوالد والإكثار منها ويذكر لي محبته الشديدة للوالد ودعاءه له في ظهر الغيب، وأن أيامه التي قضاها بمجاورة الوالد في تلك الحارة وذلك الجامع كان يطلق عليها الأيام الذهبية وأنها أجمل أيام حياته، وكان يُردد عليَّ دائماً دعوة والدي له عند ختام كل مكالمة هاتفية بينهما (الله يجمعنا في الجنة) فلا بد من المفارقة وإن الآخرة هي دار القرار، وأسأل الله الذي جمعهما في الدنيا متحابين فيه أن يجمعهما في الجنة بجنات الفردوس،
اللهم أنِّي أُشهدك على محبته فيك فاجمعنا به في جنات الفردوس.
ابنه والمحب له/ ماجد بن صالح بن فريج التميمي