بقلم – محمد السويركي
منذ كنت طفلا صغيرا ، كباقي الأطفال ، أصحاب الأحلام الوردية ، والأفكار الخيالية والرومانسية ..، كنت أتمنى تحقيق المستحيل ، وأن أحيا وأعيش الواقع المأمول .. ، لا بل كنت أحرص على الارتحال والانتقال من بيئة إلى أخرى ، ومن مكان لآخر ، فالارتحال لدي هو الحياة بعينها ، وهو الثقافة والمعرفة المفتوحة بكليتها ، وهنا يحضرني بيتين من الشعر للشافعي – رحمه الله – عن أهمية السفر والارتحال ، حيث يقول :
” تغرب عن الأوطان في طلب العُلا : وسافر ففي الأسفار خمس فوائد “
” تفرج هم واكتساب معيشة : وعلم وآداب وصحبة ماجد ”
فلقد بدأت طفولتي بتعلم السباحة في مياه قناة الغور الشرقية ، الواقعة في وادي الأردن ..، ذلك الوادي الخصيب ، وسلة خضار الأردن ، ثم تدرجت إلى الصيد ، صيد الطيور بأنواعها ، وخاصة رحلات الصيد الطفولية، مع مجموعة من الأصدقاء والإخلاء ، حيث كانت تنتهي الرحلة بالشواء والغذاء والهناء ..
هذه الصورة النمطية للرحلة في ذهني ، لم تكن نزوة عابرة ، أو رحلة طارئة ، لا بل أصبحت لاحقا جزءا من الشخصية والعقلية ، الأمر الذي جعلها تتسلل إلى العقل الباطني ، كي توقظه بين الفترة والأخرى على الارتحال إلى مناطق الخصب والجمال ، تماما كطريق المطار في مدينتي الحبيبة – مدينة عفيف الغالية – .
لذا أحبتي اسمحوا لي أن اصطحبكم في رحلة – عبر الذاكرة – إلى طريق المطار ، قبل خمس وعشرين سنة تقريبا ، حيث قضاء الوقت والمتعة مع الأسرة والأصدقاء والأحبة ..
أحبتي كلما تذكرت طريق المطار ..، أتذكر عطلة نهاية الأسبوع ، بل أتذكر لقاءات الزملاء والأصدقاء الأوفياء ، خاصة عندما يكون القمر بدرا والسماء صافية ، ومجموعة الأصدقاء مجتمعة أمثال الأحبة والأخوة ، مدحت ألنعيمي ” أبو فارس ” والذي ما زال حتى هذه اللحظة يعمل في مدينة عفيف ، كذلك الأخوة مصباح حيدر ” أبو محمد ” ، حسن سند ، سعيد خضر ، والأستاذ عبد الرحيم أبو سائد والأستاذ أبو ريا ، والدكتور نواف الشرع “أبو غسان ” الطبيب الأردني الذي كان يعمل بمستشفى عفيف ، والدكتور غسان السهلي ” أبو يونس ” طبيب الصحة المدرسية .. ، وغيرهم الكثيرين من الأحبة والأصدقاء والزملاء المعلمين .
كلما تذكرت طريق المطار ، تذكرت جمال المكان ومتنفس الإنسان ، فالمنطقة تمثل إحدى الواجهات السياحية والرئيسية في مدينة عفيف ، فهي رئة للكبار ، كما هي رئة للصغار ، وكما هي متنفس للمرأة ولكافة أفراد الأسرة ، من خلال رمالها وتعدد ساحاتها ، ووجود بعض ألعاب الأطفال التي نُصبت في مرافقها وساحاتها ..
أيضا أتذكر تلك المنطقة وقربها من قلب المدينة ، فهي لا تبعد كثيرا ..الأمر الذي يعني توفر أهم الحاجات و المواد الأساسية والخدماتية للأخوة المتنزهين ..
أحبتي .. عندما يمر طريق المطار أمام طيفي أو خيالي هذه الأيام ، عندما كنت معلما للتربية الرياضية في مدرسة علي بن أبي طالب ، المدرسة القريبة من سوق البدو ، تحضرني عفيف المدينة في بدء تطورها ..
فهنالك قسم مرور عفيف ، ورئيسه النشيط الخلوق والمحبوب النقيب فهم العتيبي ، كذلك أتذكر مبنى الدفاع المدني بنظافته ومكانته وهمة شبابه ..
عفيف أيتها النشمية .. ، عفيف تلكم المدينة التي أرخت جدائلها ليلا تحت ضوء القمر .. نعم ما أروعها من مدينة !!
جميلة أنت يا عفيف ، جميلة أيتها الغالية ، فابتسامتك دائما رائعة على محياك الجميل ، وقامتك دائما ممتدة باسقة كأشجار النخيل ، تلك القامة المنتصبة الشامخة التي يراها الزائر والقادم إلى ربوعك الوردية .. ، تستوقفينه مرحبة فاتحة ذراعيك ، مُهلية بقلب مفتوح ..، فكأني بلسان حالك تقولين .. لكل الزائرين ، قدمتم أهلا ووطئتم سهلا ، وهاهي طريق المطار بجمالها ومرافقها بساحاتها ورمالها وجلساتها بعد العصر حيث عذوبة الهواء والهدوء والخلوة مع النفس ، وقد يكون السمر بعد الغروب وتحت ضوء القمر فتزداد الجلسة جمالا وأنسا ، سواء كانت الجلسة مع أفراد الأسرة ، أو مع مجموعة من الأصدقاء والأحبة ..
وهذه دعوة لزيارة طريق المطار ، وإطلاق الأفكار ، حيث السعادة وكسر الروتين ورؤية الأصدقاء والمحبين رحلة موفقة .. ورافقتكم السلامة
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓